القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
258705 مشاهدة print word pdf
line-top
مسح الرأس

قوله: [ومسح الرأس كله] لقوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ [ومنه الأذنان[ لقوله -صلى الله عليه وسلم- الأذنان من الرأس رواه ابن ماجه .


الشرح: المسح لا يحتاج معه إلى جريان الماء عليه بل يكفي أن يغمس المسلم يده في الماء، ثم يمسح بها رأسه مبلولة بالماء، وإنما أوجب الله في الرأس المسح دون الغسل؛ لأن الغسل يشق على الإنسان، لاسيما إذا كثر الشعر، وكان في أيام الشتاء، إذ لو غسله لنزل الماء على جسمه فتضرر به؛ ولأن الشعر يبقى بعد الغسل مبتلا مدة طويلة، وهذا مما يجلب العسر والمشقة للناس، والله إنما يريد بعباده اليسر لا العسر.
وقول المؤلف: (مسح الرأس كله) أي بأن لا يكتفي بمسح بعضه، بل لا بد أن يمسح جميع الرأس، وذهب بعض العلماء- كالحنفية- إلى أنه يكفي مسح ربع الرأس، وذهب الشافعية إلى أنه يكتفي بما يطلق عليه اسم المسح ولو بعض شعره، وكل هذا لا دليل عليه، بل الثابت أنه -صلى الله عليه وسلم- عم مسح الرأس؛ لحديث عبد الله بن زيد في صفة وضوئه -صلى الله عليه وسلم- قال: فمسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه .
وأما ما ورد عن المغيرة بن شعبة من أنه -صلى الله عليه وسلم- مسح بناصيته وعمامته فأجزاء المسح على الناصية هنا؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- مسح على العمامة، فلا يدل على جواز مسح الناصية فقط- وسيأتي تفصيل الحديث على مسح الرأس في صفة الوضوء إن شاء الله تعالى-.
وقول المؤلف: (ومنه الأذنان) أي أنهما يمسحان بعد مسح الرأس لحديث الأذنان من الرأس وصفة ذلك أن يأخذ ماء جديدا لهما، فيدخل سبابتيه في صماخي أذنيه ويمسح بإبهاميه ظاهرهما، والصماخ هو خرق الأذن، ولا يلزم أن يتتبع غضاريف الأذن، وإن اكتفى في مسحهما بماء الرأس جاز ذلك، أي بأن لا يأخذ لهما ماء جديدا بل يكتفي بما يبقى في يده من ماء الرأس بعد مسحه.

line-bottom